حوار وطني حول الغلاء: مركز الاستشراف ومنتدى المبادرات يناقشان التحديات الاقتصادية

 



 

في إطار مواكبة النقاش العام حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المجتمع المغربي، نظم منتدى المبادرات الشبابية بالتعاون مع مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي ندوة فكرية بعنوان: "غلاء الأسعار: أزمة معيشة أم سياسات عمومية؟". شهدت الندوة مشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين، وهم الأستاذ علي الغنبوري، رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، والأستاذة إيمان الرازي، أستاذة جامعية، والأستاذ بدر الزاهر الأزرق، أستاذ جامعي، والأستاذ خالد أشيبان، محلل اقتصادي، وقد جذبت الندوة حضوراً واسعاً من الشباب، الأكاديميين، ومهتمين بالشأن الاقتصادي، مما عكس أهمية الموضوع في السياق الوطني.



 

افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية لمنظمي الحدث، أكدوا فيها على ضرورة فتح حوار مجتمعي معمق حول قضايا الغلاء وتداعياتها على الأسر المغربية، مع التأكيد على دور الشباب في صياغة حلول مبتكرة. بعدها، تولت الأستاذة ايمان الرازي تقديم الإطار العام للنقاش، حيث أشارت إلى أن ارتفاع الأسعار يعكس تفاعلا معقداً بين عوامل داخلية وخارجية. وأوضح أن التضخم، لا يعني انخفاض الأسعار، بل تباطؤ وتيرة ارتفاعها، مما يبقي الأسعار مرتفعة مقارنة بالمستويات السابقة. وأضافت أن "السياسات العمومية تواجه تحديات في تحقيق التوازن بين استقرار الأسعار ودعم القدرة الشرائية"، مشدداً على ضرورة تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

 


من جانبه، تناول الأستاذ بدر الزاهر البعد الاجتماعي للغلاء، مشيرا إلى تأثيره المباشر على الفئات الهشة. وأكدت أن "ارتفاع أسعار المواد الأساسية، كالخضروات واللحوم، يفاقم من هشاشة الأسر ذات الدخل المحدود، مما يتطلب تدخلات فورية لدعم هذه الفئات". كما دعى إلى إعادة النظر في منظومة الدعم الاجتماعي لضمان عدالة التوزيع، مع التركيز على برامج تكوينية تمكن الشباب من الانخراط في سوق العمل كوسيلة لمواجهة الفقر.

 

بدوره، قدم الأستاذ علي الغنبوري تحليلاً اقتصادياً للعلاقة بين السياسات العمومية والتضخم. وأشار إلى أن "غياب استراتيجيات طويلة الأمد لتحسين البنيات التحتية الاقتصادية يحد من قدرة الدولة على مواجهة تقلبات الأسواق العالمية". وشدد على أهمية الاستثمار في القطاع الفلاحي لتحقيق الأمن الغذائي، معتبراً أن الاعتماد الكبير على استيراد المواد الأساسية يجعل الاقتصاد المغربي عرضة للصدمات الخارجية.

 

أما الأستاذ خالد أشيبان، فسلط الضوء على دور المضاربة والاحتكار في تفاقم الأزمة، مشيراً إلى أن "ضعف الرقابة على الأسواق يسمح لبعض المتلاعبين برفع الأسعار بشكل غير مبرر". واقترح تعزيز دور الدولة في مراقبة سلاسل التوزيع، إلى جانب تشجيع المنافسة العادلة بين الفاعلين الاقتصاديين. كما دعا إلى إشراك المجتمع المدني في صياغة سياسات اقتصادية تحمي المستهلك.

 

اختتمت الندوة بحوار مفتوح مع الحضور، حيث طرح الشباب تساؤلات حول آليات مواجهة الغلاء ودور الحكومة في حماية القدرة الشرائية. وأجمع المتدخلون على أهمية تعزيز الشفافية في إدارة الموارد، وإشراك كافة مكونات المجتمع في وضع سياسات عمومية تستجيب لتطلعات المواطنين.

 

في الختام، عكست هذه الندوة التزام منتدى المبادرات الشبابية ومركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي بتعزيز النقاش العمومي وبناء جسور الحوار بين الأكاديميين، الشباب، وصناع القرار. وقد أوصت الندوة بضرورة تبني مقاربات تشاركية لمواجهة تحديات الغلاء، مع التأكيد على الالتزام بالهوية الوطنية في صياغة حلول مستدامة تعزز العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي.

 

 


أحدث أقدم